سوء الظن بالناس : أشكاله .. واثاره المترتبه عليه
فنسأل الله أن يوفقك، وأن يطهر قلبك، واعلمي أنه يجب على المسلم أن يحسن الظن بالناس، ويحمل أمورهم على السلامة؛ فقد روى أحمد وأبو داود وغيرهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسن الظن من العبادة. والحديث ضعف إسناده الألباني، ولكن معناه صحيح، ولا شك.
أشكال سوء الظن بالناس
- سوء ظن يحاسب عليه.
- سوء ظن لا يحاسب عليه.
أشكال سوء الظن بالناس من الممكن أن تكون على هيئتين، هما:
سوء ظن يحاسب عليه: يعتبر سوء الظن الذي يحاسب عليه الإنسان ويؤاخذ به من أسوأ الأشكال، لأن الإنسان إذا أساء الظن بأحد ثم استمر في تصديق هذا الظن وأخذ في التحقق منه والعمل عليه، واتخاذ خطوات يمكن أن تؤذي الشخص فهو من الأشكال المحرمة.
سوء ظن لا يحاسب عليه: إذا فكر الإنسان بطريقة سيئة في أخيه وأساء الظن به، ولكنه لم يتحقق من شيء، وأراد أن يترك كل الأشياء لمجراها، حيث أن سوء الظن كان مجرد شعور ولم ينجرف هو له، لذلك لا يؤاخذه الله عليه، فإننا لا نحاسب على ما نفكر فيه.
السُّوء لغةً: أصل هذه المادة يدلُّ القبح، يقال: ساء الشيء: إذا قَـبُح. والسُّوء: الاسم الجامع للآفات والداء، والسُّوءُ أيضًا بمعنى الفُجور والمنكر، ويقال: ساءه يسوءه سوءًا وسواء: فعل به ما يكره، نقيض سرَّه. والاسم: السوء بالضم. وسؤت الرجل سواية ومساية، يخففان، أي ساءه ما رآه مني. وسؤت به ظنًّا، وأسأت به الظن.
الآثار المترتبة على سوء الظن بالناس
- التخلق بالأخلاق السيئة.
- خلو القلب من الطمأنينة.
- الشعور بالحقد.
- تتبع أخبار الناس.
- أحد مداخل الشيطان.
هناك نتائج كثيرة مؤلمة عن سوء الظن بالناس، وأهم آثاره:
التخلق بالأخلاق السيئة: من أهم الآثار التي تترتب على سوء الظن بشكل عام وسوء الظن بالناس بشكل خاص هو التخلق بالأخلاق السيئة، لأن سوء الظن يجعل الإنسان حاسدًا وحاقدًا ويرتكب الكثير من الأخطاء، رغم أن سوء ظنه في أغلب الأحيان لا يكون له أي أساس من الصحة.
خلو القلب من الطمأنينة: الشخص الذي لا يفكر في أحواله الخاصة ويترك نفسه يسيء الظن في هذا وذاك بغير سبب أو أي شيء معلوم في الغالب لا يكون مطمئنًا، بل يعيش في عدم أمان وعدم طمأنينة طوال الوقت لأنه يظن أن كل الناس يتآمرون عليه.
الشعور بالحقد: لا يبغض أحد أحدًا ولا يحسده إلا إذا بدأ الأمر بسوء الظن، فسوء الظن بالناس يجعل القلب ممتلئًا بالحقد والحسد تجاه الناس، فهو لا يحب الخير لأحد لأنه يظن طوال الوقت أن الناس كلهم يضمرون له الشر.
تتبع أخبار الناس: بالطبع سيء الظن بالناس دائمًا ما يتتبع أخبار الناس لمعرفة ما يحدث في حياتهم، وبالتالي يبدأ حلقة سوء الظن والحقد والبغض التي لا تنتهي، لذلك نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذه الصفة الكريهة.
أحد مداخل الشيطان: الصفة التي تجعل الأشخاص يتتبعون أخبار الناس ليعرفوا أخبارهم، ومن ثم يحسدونهم ويحقدون عليهم، بالطبع هي أحد مداخل الشيطان القوية والتي تزيد مع الوقت حتى تجعل الشخص يرتكب أفعالًا غير متوقعة.
عبارات عن سوء الظن
- بسبب سوء الظن كرهنا بعضنا، وقلَ لقاؤنا، وقطعنا رحمنا فسلوا الله حسن الظن بالناس ففيه راحة للقلب، وسلامة للصدر.
- لا تحسن الظن حد الغباء ولا تسيء الظن حد الوسوسة وليكن حسن ظنك ثقة وسوء ظنك وقاية.
- ألق حسن الظن على الخَلق وسوء الظن على نفسك لتكون من الأول في سلامة ومن الآخر على الزيادة.
- لا تحسن الظن بي كي لا أخذلك، ولا تسيء الظن بي كي لا تخذلني، لكن اجعلني دون ظنون، كي أكون أنا كما أكون.
- من كتم سره كان الخيار بيده، ومن عرض نفسه للتهمة فلا يلومن من أساء الظن به.
- الحزن يضعف القلب، ويوهن العزم ويضر الإرادة، ولا شيء أحب إلى الشيطان من حزن المؤمن، لذلك افرحوا واستبشروا وتفاءلوا وأحسنوا الظن بالله، وثقوا بما عند الله وتوكلوا عليه وستجدون السعادة والرضا في كل حال.
الحكم الشرعي لسوء الظن بالناس
- المحرم.
- المستحب.
- الواجب.
- الجائز.
الحكم الشرعي لسوء الظن ولكن إذا كان سوء الظن في القسم الذي يؤاخذ به الإنسان:
المحرم: هناك سوء ظن محرم وهو سوء الظن بالناس، وخاصة المسلمين المؤمنين، لأنك بهذا تتجنى على أشخاص لا ذنب لهم، وخاصة إذا كنت بتتبع هؤلاء المؤمنين وقمت بأذيتهم، وأغلب العلماء والفقهاء قالوا بأن سوء الظن بالمؤمنين يعتبر من الكبائر وهذا شيء عظيم، لذلك يجب التخلي عنه.
المستحب: رغم أن هناك سوء ظن محرم قد تستغرب أن هناك سوء ظن مستحب، والمقصود هو سوء الظن بالأشخاص الذين يضمرون لك الشر وتتوقع أن يقوموا بأذيتك في أي وقت، ففي هذه الحالة يستحب سوء الظن حتى يأخذ الإنسان حذره ولا يتعرض لأذى.
الواجب: هل تظن أن هناك سوء ظن بالناس واجب ولا بد منه؟، هناك سوء ظن واجب وبالمسلمين، ولكن سوء الظن هذا الذي يرجى منه تحقيق أمر شرعي وواجب، فالشهود في المحكمة إذا علم عنهم أنهم أشخاص سيئون ولم يشهدوا بالحق لا بد من إساءة الظن بهم حتى يثبت العكس.
الجائز: في الشرع من الأشياء المحرمة تتبع أخبار الناس لإساءة الظن لهم والحقد عليهم والحسد، ولكن في بعض الأحيان يكون الأمر جائزًا، في حالة الكافر يجوز إساءة الظن به لأنه قد يضمر للمسلمين الشر، وكذلك المسلم الذي يرتكب المعاصي يجوز إساءة الظن به كذلك.
أحاديث نبوية وآيات عن سوء الظن
مفاسد سوء الظن كثيرة، لذلك نهى الله سبحانه وتعالى والرسول صلى الله عليه وسلم عن إساءة الظن بالناس، وجاء ذلك في أحاديث في السنة وآيات القرآن، منها:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث، ولا تحسسوا، ولا تجسسوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تباغضوا، وكونوا عباد الله إخوانًا.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمان قلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم يتبع الله عورته، ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته.
{يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرًا من الظن إن بعض الظن إثم ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضاً أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتاً فكرهتموه واتقوا الله إن الله تواب رحيم}.
كيفية تجنب سوء الظن بالناس
- الظن الحسن بالكلام.
- معرفة مكانة النفس.
- التماس العذر.
- محاولة تجنب الأحكام.
- الرجوع للكتاب والسنة.
- الدعاء.
قصص سوء الظن وما أدت إليه من كوارث متنوعة، لذلك لا بد من تجنبه وذلك عن طريق:
الظن الحسن بالكلام: حتى تستطيع تجنب سوء الظن بالناس وإحسان الظن بهم لا بد أن تبدأ بأن تظن في الناس الخير، وأن ترى الكلام على ظاهره وتحسن به الظن، فإذا كان الكلام يشير إلى شيء حسن ولكنك تشعر في داخلك أن وراءه شيء، فالأفضل أن تحسن الظن، فسيدنا عمر بن الخطاب يقول: لا تظن بكلمة خرجت من أخيك المؤمن شرًّا، وأنت تجد لها في الخير محملًا.
معرفة مكانة النفس: كلنا بشر وكلنا لنا أخطاء، وأنت نفسك قد يظن بك أحد السوء، لذلك لا بد أن تنزل نفسك منزلتها، وتعرف مكانتها ولا تظن بالآخرين السوء دون التأكد من هذا السوء، كما يجب أن تضع نفسك مكان الشخص الذي تظن به الشر حتى تستطيع التعاطف معه.
التماس العذر: حاول أن تلتمس الأعذار للآخرين، لأن هذا سيساعدك في تجنب سوء الظن بالناس، بالإضافة إلى أنه سوف ينقي قلبك، لأنك لن تكون مضطرًا لأن تضمر الحقد والحسد للآخرين، بل ستريح نفسك من عناء التفكير في الناس ومقاصدهم من كلامهم.
محاولة تجنب الأحكام: بعيدًا عن سوء الظن فإن تجنب الأحكام على الأشخاص لا بد أن يتجنبها كل شخص لأنها تؤدي إلى كوارث ومشكلات، أما بالنسبة لسوء الظن فحاول أن تجنب نفسك هذا الأمر بقدر الإمكان لأنه في أغلب الأحيان يكون غير حقيقي.
الرجوع للكتاب والسنة: من المعينات على تجنب سوء الظن بالناس وإحسان الظن بهم الرجوع إلى الكتاب والسنة ومعرفة مدى خطورة سوء الظن بالناس وتتبع عوراتهم، والعقاب الذي ينتظر هؤلاء الأشخاص للاتعاظ.
الدعاء: الدعاء من أكثر الأشياء التي تعين الإنسان على فعل الكثير من الأشياء، فما بالك بصفة سيئة يحاول الإنسان التخلص منها، بالطبع سوف يعينه الله سبحانه وتعالى على التخلص منها والعمل على تنقية القلب وتحسين جوانب كثيرة ومتعددة في شخصيته، لذلك لا بد ألا يتردد أحد للجوء إلى الدعاء.