الخليفة الذي قرر جمع الناس على مصحف واحد هو
عثمان بن عفان، رضي الله عنه.
يعد هذا الأمر من أهم المحطات التي يتم التعرف عليها في تاريخ الإسلام. الخلفاء الراشدين، الذين هم أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، ساروا على نهجه ودينه وتعاليمه ومبادئه وقيمه، وكانوا حريصين على نشر الدعوة الإسلامية السامية بعد وفاته.
وقد جاء في القرآن الكريم: {وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِم مِّنْ أَنفُسِهِمْ ۖ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَىٰ هَٰؤُلَاءِ ۚ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ}، وهذا يبرز أهمية وضوح الكتاب والهداية والرحمة والبشرى للمسلمين، مما دفع عثمان بن عفان رضي الله عنه إلى تنظيم وتوحيد نصوص القرآن الكريم لضمان الاستمرارية والتوحيد بين أمته.
بدأ جمع المصحف في نهاية عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وأُكمل في عهد الخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان. في ذلك الوقت، لم يكن القرآن مكتوبًا في كتاب، بل كان محفوظًا في صدور الأشخاص. عندما تولى أبو بكر الخلافة، أمر بجمع القرآن خوفًا من الضياع، واختار زيد بن ثابت لأنه كان من الذين كتبوا الوحي في عهد النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
إقرأ أيضاً: لقب موسى عليه السلام بكليم الله
منهج أبو بكر الصديق في جمع القرآن الكريم
- جاء كل من استلم شيئًا من القرآن من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زيد بن ثابت ومن معه.
- لم يقبل أبو بكر شيئًا من أحد حتى يشهد عليه شهيدان، مما يعني أنه لم يكتف بالإدراك فقط بل كان يتطلب الشهادة على صحة ما يتم كتابته.
- تم كتابة ما ورد في الصحف التي حفظتها الأمة.
- كان شرطًا أساسيًا أن تكون الآيات مكتوبة بيد الرسول صلى الله عليه وسلم، وليس مجرد حفظها، مع الحرص على الحفاظ على هذه الحالة.
- يجب أن تكون الآيات من النصوص التي ثبتت على النبي صلى الله عليه وسلم في سنة وفاته، أي في حياته الأخيرة.
- كان من الشروط أن تُكتب الآيات في سورها بالترتيب والدقة التي تلقاها المسلمون عن الرسول صلى الله عليه وسلم.
بهذا المنهج، أكمل أبو بكر الصديق رضي الله عنه جمع القرآن الكريم وضمن توحيده ونقاوته كما أُنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
إقرأ أيضاً: قصة لقمان الحكيم ووصاياه لابنه؟
جمع القرآن في عهد عثمان بن عفان
- في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه، تم جمع القرآن الكريم بعدما أدرك حذيفة بن اليمان رضي الله عنه اختلافاً في القراءة بين جموع المسلمين، خلال فترة مشاركته في غزوات مع أهل الشام والعراق. فقد أفزعه هذا الاختلاف، فأوصى عثمان بضرورة إحكام وحدة الأمة في القراءة قبل أن يتباينوا كما فعلت الأمم السابقة.
- بناءً على ذلك، أرسل عثمان بن عفان رضي الله عنه بالصحف التي كانت موجودة عند حفصة رضي الله عنها، وطلب نسخها وتوحيدها في مصاحف رسمية. وقد أمر بذلك زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وقاموا بنسخ هذه الصحف وتوزيعها في المصاحف الجديدة.
- بهذا الإجراء، أحكم عثمان بن عفان رضي الله عنه جمع القرآن الكريم وضمان استمرارية توحيده ووحدة النص القرآني كما نزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم، وبذلك تجلى التفاضل بين جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق وفي عهد عثمان بن عفان.
إقرأ أيضاً: أهم أعمال علي بن أبي طالب | صفات علي بن أبي طالب
مميزات جمع القرآن في عهد أبي بكر الصديق
في عهد أبي بكر الصديق رضي الله عنه، تميزت عملية جمع القرآن بالنقاط التالية:
- تم الاقتصار على النصوص التي كانت موجودة في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم الأخيرة، وتم حذف أي شيء زائد عن ذلك.
- تم قبول الآيات القرآنية فقط التي اتفق عليها الجميع، وكانت تكررت روايتها بشكل متفق عليه. هذا ما حدث في آخر سورة البقرة بتأليف زيد، الذي كان يعرف معانيها.
- كُتِبَ القرآن الكريم في الأحرف السبعة التي نزل بها.
- تم ترتيب الآيات حسب الحالة التي نقرأها اليوم، ولم يكن هناك ترتيب للسور، بحيث كانت كل سورة مستقلة لتكتب في الصحف. وبفضل هذه العملية، جُمِعَت وانتشرت هذه الصحف بين الناس.
بهذه الطريقة، أحكم أبو بكر الصديق رضي الله عنه جمع القرآن وضمان استمرارية نقاوة وتمام النص القرآني كما أنزل على النبي محمد صلى الله عليه وسلم.