من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء
نبي الله إدريس عليه والسلام.
تم رفع إدريس عليه السلام قبل موته بطريقة مشابهة لما حدث مع نبي الله عيسى عليه السلام. في كتاب “فتح الباري” لابن حجر ورد أنه لم يثبت عنه رواية قوية مباشرة تفيد برفعه، ولكن الطبري روى أن كعباً قد صرح لابن عباس بأن إدريس عليه السلام سُئل عندما كان حياً، وقامت ملائكة بحمله بين جناحيها ورفعته حتى وصل إلى السماء الرابعة، حيث التقاه ملك الموت وأخبره بأنه سيقبض روحه في ذلك المكان. فبعد ذلك، قبض الله روحه، وهذا ما يُشار إليه في قول الله تعالى “ورفعناه مكانًا عليًا”. ومن الجدير بالذكر أن هذه القصة تندرج ضمن الإسرائيليات.
في الصحيحين تُروى رواية صحيحة تفيد بأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم رأى سيدنا إدريس في السماء الرابعة أثناء رحلة الإسراء والمعراج. والمقصود بالرؤية هنا هو رؤية روحه، لا رؤية جسده. وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية ذُكر ما يلي:
أما رؤية موسى عليه السلام في الطواف، فكانت رؤية منامية، ولم تكن في ليلة المعراج. وهذا ما جاء تفسيره من بعض المفسرين، كما رأى المسيح عليه السلام ورأى الدجال أيضًا. وبالنسبة لرؤيته ورؤية الأنبياء الآخرين في ليلة المعراج في السماء، فقد رأى آدم عليه السلام في السماء الدنيا، ورأى يحيى وعيسى عليهما السلام في السماء الثانية، ورأى يوسف عليه السلام في السماء الثالثة، وإدريس عليه السلام في السماء الرابعة، وهارون عليه السلام في الخامسة، وموسى عليه السلام في السادسة، وإبراهيم عليه السلام في السابعة أو بالعكس. فهذا يعني أنهم رأوا أرواحهم مصوّرة في صور أبدانهم. وقد زعم بعض الناس أنه ربما رأى نفوس الأجساد المدفونة في القبور، ولكن هذا القول لا يمت بصلة إلى الصحيح.
شاهد أيضاً: قصة مقتل فاطمة الزهراء في صحيح البخاري الصحيحة
لماذا قبضت روح إدريس في السماء
لم يرد لنا خبر صحيح عن سبب رفعه إلى السماء الرابعة.
تواردت بعض الأقوال المنسوبة لابن عباس وكعب الأحبار تفسر سبب قبض روح إدريس في السماء، ولكن لا صحة لهذه الأخبار. ويُقال في إحدى الروايات أن إدريس عليه السلام تعجب من كيفية تحمل الملك الذي يحمل الشمس وطلب من الله سبحانه وتعالى أن يخفف عنه وهجها.
عندما علم الملك بذلك، أراد أن يكافئ إدريس عليه السلام، فطلب منه إدريس أن يشفع له عند ملك الموت ليؤخر من أجله. ويقال إنه طلب من إدريس أن يريه الجنة، فرفعه إلى الجنة ودفنت جثته في السماء الرابعة. وهناك أقوال أخرى تتعلق بذلك لا نعرف صحتها بالتحديد، ولكن المعروف لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم التقى بإدريس عليه السلام في السماء الرابعة وسلم عليه.
قال القرطبي في تفسيره لحادثة رفع إدريس عليه السلام: “إنه حي هناك تارة يرتع في الجنة، وتارة يَعبد الله مع الملائكة في السماء.” وأضاف القسطلاني بأن إدريس تُوفِّي في السماء الرابعة ولم تكن له تربة في الأرض. ومن جهة أخرى، قال ابن المنير: “اختلف في إدريس هل رُفع إلى السماء بعد موته كغيره من الأنبياء، أم إنما رُفع حيًا وهو إلى الآن حيٌّ كعيسى.”
شاهد أيضاً: قصة قوم صالح | معجزة نبي الله صالح
من هو النبي الذي دخل الجنة ولم يخرج منها
إدريس عليه السلام.
جاءت من أهل التفسير والإخبار قصة طويلة عن دخول إدريس عليه السلام الجنة، وتُصنف هذه القصة ضمن الإسرائيليات التي لا نعرف مدى صحتها، ويُروى فيها أن:
يُقال إن إدريس عليه السلام كان صديقًا لملك الموت، وفي طلبه للموت منه، أراد أن يميته ويُظهر له لمحة من النار ليستقيم في عبادته. فأخبره ملك الموت أنه من خيار أهل الجنة، فطلب منه إدريس أن يُظهر له لمحة من الجنة. رد إدريس قائلاً: “يا ملك الموت، إني أحب أن أنظر إليها، ربما يكون ذلك سببًا في زيادة شوقي وحرصي وطلبي لها.”
ملك الموت أخذ إدريس إلى باب من أبواب الجنة ونادى خزنتها، فسألوه من هو، فأخبرهم أنه ملك الموت، فأصابهم الفزع، يتساءلون عن سبب حضوره. فأجابهم قائلاً: “لو أمرت فيكم بأمر، ما نظرت إليكم، ولكن نبي الله إدريس – عليه السلام – سأل أن ينظر إلى لمحة من الجنة فافتحوا.” ولكن عندما فتحوا لهم، أصيب إدريس بجمال الجنة ونعمها، فأراد أن يدخلها ويأكل من ثمرها ويشرب من مائها، فدخل ولم يخرج حتى ناداه ملك الموت قائلاً: “أخرج يا نبي الله، قد أصبت حاجتك، حتى يُردك الله مع الأنبياء يوم القيامة.”
رفض إدريس أن يخرج، بل قام بأن احتضن ساق شجرة. فأوحى الله إلى ملك الموت قائلاً: “وإن منكم إلا واردها كان على ربك حتما مقضيا، وقد وردتها أفأردها مرة بعد مرة، وإنما كتب الله ورودها على خلقه مرة واحدة؟” وقال لأهل الجنة: “وما هم منها بمخرجين، أفأخرج من شيء ساقه الله إلي؟” فأوحى الله إلى ملك الموت: “خصمك عبدي إدريس، وعزتي وجلالي: إن في سابق علمي قبل أن أخلقه أنه لا موت عليه إلا الموتة التي ماتها، وإنه لا يرى جهنم غلا خلا. الورد الذي وردها، وأنه يدخل الجنة في الساعة التي دخلها، وأنه ليس بخارج منها، فدعه يا ملك الموت.”
شاهد أيضاً: أسماء بعض الصحابيات اللاتي كان لهن دور عظيم في الإسلام
ماذا يوجد في السماء الرابعة
إدريس عليه السلام.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثُمَّ صَعِدَ بِي حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الرَّابِعَةَ فَاسْتَفْتَحَ، قِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ. قِيلَ: وَمَنْ مَعَكَ؟ قَالَ: مُحَمَّدٌ. قِيلَ: أَوَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قِيلَ: مَرْحَبًا بِهِ، فَنِعْمَ المَجِيءُ جَاءَ. فَفُتِحَ، فَلَمَّا خَلَصْتُ إِلَى إِدْرِيسَ، قَالَ: هَذَا إِدْرِيسُ فَسَلِّمْ عَلَيْهِ. فَسَلَّمْتُ عَلَيْهِ، فَرَدَّ ثُمَّ قَالَ: مَرْحَبًا بِالأَخِ الصَّالِحِ وَالنَّبِيِّ الصَّالِحِ.”
وفي رواية لمسلم، زاد: قَالَ اللهُ تعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا}.